أقدمت شابة في السابعة عشر من عمرها على الانتحار بتناول مبيد حشري فوسفوري نهاية
الأسبوع الماضي في بلدة "القريا" في السويداء
وأسعفت الشابة "عهد ق " إلى مشفى السويداء الوطني إلا أن محاولات الأطباء لإنقاذها لم تلق
النجاح .
و جاء في تقرير الطبابة الشرعية أن سبب الوفاة يعود إلى فشل قلبي رئوي ناجم عن التسمم
الحاصل.
و أرجع والدها سبب اقدام ابنته على الوفاة لأنها لم " توفق بامتحان مادة اللغة العربية "
و علم عكس السير أن الشابة "عهد" تناولت السم ، وعندما شعرت بالخوف , أخبرت والدها الذي لم
يصدق لأنه لم تظهر علامات التسمم عليها، وعندما بدأت تظهر أعراض التسمم , وتأكدوا من تناولها
السم , سقاها والدها الحليب في محاولة لإنقاذها، ثم أسعفها إلى المشفى في الساعة بعد
ساعتين حوالي الساعة الخامسة عصراً .
وذكر أحد الأطباء المناوبين أنها وصلت المشفى بكامل قواها العقلية، وأدخلت في قسم الداخلية
حوالي ساعتين وعندما ساء وضعها نقلت إلى غرفة العناية المشددة، وأجري لها غسيل للمعدة
وأعطيت "الأتروبين" والصادات الحيوية والأدوية المضادة للسم، لكن دون جدوى لأن كمية المادة
السامة التي تناولتها كبيرة، ففارقت الحياة حوالي الساعة الثالثة صباحاً.
و من جهة أخرى تحدث "سهيل . أ " أحد أقارب الفتاة لعكس السير عن حرمان و معاناة الفتاة بعد
انفصال والديها :" ليس ضغط الامتحان ما دعاها للانتحار، وإنما الضغط النفسي الذي عاشته في كل
يوم بعد فقدها لحنان والديها بعد انفصالهما منذ سنة وثلاثة أشهر إثر خلافهما المتكرر، وعدم رغبة
والدها بإنجاب الأطفال، علماً أنها وحيدة لوالديها".
و أضاف "سهيل" : " تزوج والد "عهد" من جديد، وبعد أشهر حملت زوجته وكان لهذا أثر كبير عليها
وهي التي كانت تقاسي المشاجرات اليومية بين والديها خاصة فيما يتعلق بإنجاب الأطفال".
و تابع قريب الفتاة " ولم يكتف بحرمان ابنته من حنان والدتها ورعايتها بل منعها من التكلم معها من
خلال الهاتف، لذا كانت تتصل بها أثناء غيابه عن المنزل ثم تمحي الرقم عن الهاتف. كما حرمها من
الخروج من المنزل وزيارة أصدقائها، وأسكنها وحيدة معظم الوقت في غرفة بقبو المنزل".
و قال "سهيل " :"وطالبت الأم أكثر من مرة بابنتها لتسكن معها، لكن والدها كان يرفض باستمرار.
وكانت عهد تخطط للانتحار منذ شهور حيث قالت لابنة خالتها أنها ستقوم بعمل قد يزعج أهالي القرية.
ومضى خمسة أشهر دون أن ترى أمها، لذا لم تتمكن من وداعها، فما كان أمامها إلا أن تودعها
برسالة عسى أن تصل لها بعد وفاتها فكتبت فيها:" سامحيني يا ماما... أنا خسرت حياتي وخسرت
دراستي... كنت أطمح لأكون عالمة في علم الأحياء... لكن كل شيء تدمّر... وداعاً ماما... "
و قال أحد أساتذتها (ح، ر) لعكس السير :" كانت عهد كانت طالبة هادئة وانعزالية، تجلس دائماً في
المقعد الأخير ولا تتعامل مع زميلاتها، وعندما تنظر إليها ترى الحزن والاكتئاب في عينيها، ولدى
استفسارنا عن حالتها المأساوية تخفي الأسباب الحقيقية وراء ذلك وتقول أن رأسها يؤلمها."
و أضاف :" وقد نصحها المدرسون والمرشدة النفسية بأن تغير اختصاصها من ثاني ثانوي علمي إلى
ثاني ثانوي أدبي لأن قدراتها العلمية كانت تتضاءل بسبب الضغط النفسي والاجتماعي الذي تعيشه،
لكنها أصرت على الاستمرار بالفرع العلمي لرغبتها به."
وذكر أحد الطلاب أن عهداً أخبرته بأنها ستنتحر، لكنه اعتقد أنها تمازحه، ولم يتوقع أن لديها الجرأة
في الإقدام على الانتحار.
و يقول الدكتور "ديفيد شافير" مدير مركز العلوم النفسية للأطفال والمراهقين في جامعة كولومبيا،
وخبير قيادي في السلوك الانتحاري: " تزيد نسبة انتحار الأطفال كلما اقتربوا من مرحلة المراهقة،
فالمراهقون الذين يقومون بالانتحار هم على الأغلب ما بين 18 و19 عاماً، ويشكلون نصف عدد
المنتحرين الشباب".
و يتابع الخبير " والأشخاص الذين يكونون أكثر عرضة للانتحار هم الأطفال العصبيون، وسريعو الغضب،
والذين يتمتعون بمشاعر متطرفة جداً، والذين يعانون من حالات كآبة أو حزن شديد" .
]و يضيف "شافير" من المسببات التي تدفع المراهق للانتحار الانفصال عن شخص ي التفكك العائل
والمشاحنات بين الزوجين، غياب أحد الوالدين، موت الوالدين أو أحدهم، التعرض للإذلال أمام طلاب
صفه، خسارة مبارزة أمام أحد زملائه أو التعرض للإهانة".
ويجب على الآباء والأصدقاء مراقبة المؤشرات التحذيرية للانتحار مثل أعراض الكآبة أو كتابة وصية
وهذه شائعة بين الأطفال، وانسحاب الطفل من المجتمع، وانعزاله عن الأصدقاء، وعدم خروجه من
البيت.
و يستطيع الآباء والأصدقاء منع الانتحار الوشيك للأطفال بعدم ترك الطفل يصاب بالكآبة، والانتباه إلى
أعراض الكآبة إن وجدت، فالعديد من الأطفال والمراهقين لا يعرفون حتى ما هي الكآبة، فهم يشعرون بالسوء وبأنهم غير مرغوب بهم، ولا يعتقدون بأنهم مصابون بالكآبة.
ويذكر بعض الآباء كآبة الأطفال ويعتبرونها طبيعية في سن الانتقال إلى المراهقة، وعلى الآباء أن
يقرؤوا أكثر عن هذا الموضوع وأن يوعوا أطفالهم ويرشدوهم إلى التحدث معهم عما يدور في ذهنهم
من أفكار ومخاوف".
و يوضح الدكتور شافير أنه إذا تم تحديد المؤشرات مبكراً فقد تستطيع العائلة والأصدقاء أن يقدموا
المساعدة للمراهق ويمنعوا الانتحار، لذا فوجود الوالدين معاً بجانب الطفل في هذه المرحلة
الانتقالية أمر ضروري، والاستماع إلى الطفل يعتبر أجدى طريقة للخروج من هذه المرحلة بشخصية قوية وثابتة ومستقرة.
و لانفصال الزوجين آثار سلبية على الأطفال خاصة في سن المراهقة , و يدعو الخبراء الأهالي ببعض
الايثارية و الكثير من التفهم و الصبر , و الحكمة في التعامل مع الأطفال لتقليل هذه الآثار إلى الحد
الأدنى