من هم السريان الآراميون؟
السريان أقلية مسيحية اشتقت تسمية سوريا منهم تعيش في بلدان الشرق الاوسط، وخاصة قي لبنان وسوريا وتركيا والعراق الأردن، وتتميز سوريا عن بقية الدول المذكورة بانها الوحيدة من بينها التي اقامت معاهد لتعليم هذه اللغة المنسية
وشاعت تسمية سريان بينهم بعد اعتناقهم الديانة المسيحية. وتسمية سريان أطلقها اليونانيون عليهم. وبهذا الصّدد يقول الجغرافي والمؤرخ اليوناني الشهير ستابرو ، 63 ق.م - 24 م.، في كتابه جيوغرابي "إن هؤلاء الذين يطلق عليهم اليونانيون اسم ’السريان’ فإنهم يسمون انفسهم بالآراميين". كان السريان قديماً يتسمّون بالآراميين. لكن قبل الميلاد ببضعة قرون بدأوا يتسمون بالآراميين السريان.
و استمرت التسميتان الآرامية والسريانية تطلقان على الشعب الآرامي بشكل مرادف لغاية القرن الثالث عشر، إلى أن انفردت تسمية سريان واحتجبت تسمية آراميين عن الإستعمال. وهذا واضح في المؤلفات والكتب السريانية الآرامية، منذ القرون الأولى للميلاد ولغاية القرن الرابع عشر. كان الآراميون قديماً قبائلاّ كثيرة العدد منتشرة في كل انحاء (آراميا التاريخيةالقديمة). وأول مرة ذُكر فيها اسم الآراميين في المدونات التاريخية كان (2300) ق.م في جنوب العراق. وبعد حوالي (1500) ق.م بؤسسون مئات الدول والممالك والإمارات في كل أنحاء منطقة الهلال الخصيب، أي آراميا، فوحّدوا هذة المنطقة بعنصرهم الآرامي، و لغتهم الآرامية السهلة، وبحضارتهم وثقافتهم الخ. ومن هذه الدول: دولة ارام صويا عنجر حاليا وكانت تشمل الأرضي الممتدة إلى الشمال الغربي من دمشق من البقاع غرباً وحتى البادية شرقاً. آرام بيث رحوب، آرام طوب، وهي قرية الطيبة الحالية الواقعة إلى الغرب من مدينة بصرى، آرام جشور، آرام معكة شمال "جشور" على سفوح جبل الشيخ الغربية. وفي البقاع الجنوبي آرام دمشق، حماة، و يادي وعاصمتها شمأل (شمال سوريا)، وفدان آرام، و آرام نهرين (في الجزيرة السورية الحالية)، وبيث زماني وعاصماتها أميدي (ديار بكر في تركيا الحالية)، وخوريزانا، وغيدارا في جبال طور عابدين، وماردين، و بيث آغوشي (شمال حلب)، بيث بخياني وعاصمتها غوزانا على الخابورالاعلى، وبيث حالوفي وعاصمتها سوري على الخابور الاسفل. أما جنوب الرافدين فكان فيه عشرت الدول والمدن والقبائل الآرامية وأهمها كلدة، بيث ياكين، فوقودو، بيث اموكاني الخ. إلا أن أهم مركز للآراميين هناك كان مدينة بابل. وكانت هذه الدول الآرامية مختلفة عن بعضها البعض في حجمها وقوتها وسلطتها ونفوذها.
إن ضعف الارميين يكمن في أنهم لم يؤسسوا دولة موحدة كبيرة تحت قيادة ملك أوحاكم واحد قوي. لذلك كانت هذة الدول سهلة السقوط بيد الغزاة والطامعين، إذ سقطت معظم ممالكهم في السنة السابعة قبل الميلاد. و مع ذلك بقيت بعض الممالك حية بيد الآراميين حتى القرن الثالث بعد الميلاد مثل ممالك الرها (في تركيا الحالية) وتدمر(في سوريا) والحضر(في العراق) الخ.
كانت اللغة الآرامية، ومنذ القرن السادس قبل الميلاد، أصبحت لغة السياسة والتجارة في عالم الشرق القديم، وامتدّ استعمالها من الصين الى مصر، ولدى مجيء السيد المسيح كانت الآرامية لغة فلسطين أيضا، ً لذلك تكلم بها الرب له المجد. وكانت الأبجدية الآرامية قد انتشرت انتشاراً واسعاً وكُتبت بها الكثير من اللغات منها السنسكريتية، والبهلوية، والمغولية، والجورجية والعربية والأرمنية الخ. ويوجد اليوم حوالي خمسة أشكال من الأبجدية الآرامية وهي:
- أولاً الآرامية المربعة التي يستعملها اليهود.
- ثانياً الإسطرنجيلية ويستعملها السريان في كتابة العناوين.
-ثالثا الشرقية ويستعملها السريان المشارقة اي النساطرة والكلدان.
- رابعاً الغربية وتسمى سِرطو ويستعملهاالسريان المغاربة وهم السريان الموارنة والارثوذكس والكاثوليك.
-خامساً المندائية ويستعملها الصابئة المندعيون.
أما اللهجات السريانية الرئيسية المحكية اليوم هي الشرقية والغربية ولهجة معلولا. عندما اصبح الاراميون مسيحيون ساهم الآراميون في تأسيس كنيسة أنطاكيا لدى اعتناقهم المسيحية. وأصبحت الكنيسة بالنسبة لهم هي المؤسسة الدينية والقومية والاجتماعية والثقافية الخ، يمارسون فيها وجودهم. لذلك تمسكوا بالدين المسيحي، واجتهدوا في نشره، فوصل المبشرون لغاية الهند والصين. وبرز عدد هائل من الكتاب والأدباء والمؤرخين السريان الذين أتحفوا المكتبة السريانية بنتاج عقولهم أمثال لوقيانوس السمياطي،135 م، و بار ديصان،222 م، و مار أفرام السرياني، 373 م، ورابولا،435 م، و نرساي، 503 م، ومار يعقوب السروجي، 521 م، ومار فيليكسينوس المنبجي، 522 م، الخ وآلاف الكتّاب غيرهم.
إلاّ أن المناقشات اللاّهوتية و الإجتهادات في تفسير طبيعة السيد المسيح، قسّمت السّريان الآراميين إلى كنائس و طوائف عديدة. و بات كل فريق يدافع عن صحة معتقداته و ينتقد الطّرف الآخر، فظهرت كنيسة السّريان المشارقة في العراق. ثم انقسم السريان الغربيون إلى
1- السريان الأورثوذكس و مؤخراً كاثوليك و بروتستانت. ساهم الاستعمار في انشقاق السريان الارثوذكس من خلال ما يسمى تجارة العواطف
2- السريان الروم (أورثوذكس و كاثوليك).
3- السريان الموارنة (كاثوليك).وظهروا وتكاثروا بعد الحرب اللبنانية وعمرهم حوال القرن والنصف
كان للسريان الآراميين في ذلك الوقت عشرات المعاهد العلمية التي تدرّس العلوم المختلفة، أمثال معاهد الرّها و نصيبين و أنطاكيا و رأس العين و قنّشرين و قرتمين ... الخ. و كذلك أسس السريان الآراميون العديد من الأديرة لتخريج الرهبان و الإكليروس المثقف. و لا تزال بعض هذه الأديرة قائمة لغاية اليوم مثل مار متَى في العراق (القرن الرابع) و الزعفران و مار كبرئيل في طور عابدين في تركيا (القرن الرابع) و الشرفة و مار روكز، الدكوانة و مار مارون، غزير في لبنان على سبيل المثال لا الحصر. و كان كلّ دير و معهد يضمّ مكتبة عامرة بالتّراث السّرياني الآرامي الغني للبحث و الدراسة.
و في القرن السابع الميلادي بسط العرب المسلمون استعمارهم على البلاد السريانية الآرامية بعد أن طردوا منها الرّوم و الفرس. و في فترة الخلافة العباسية اثناء حكم المأمون والمعتصم علماء السريان الآراميين في ترجمة كلّ الكتب و المعارف السريانية الآرامية و اليونانية و الفارسية إلى العربية. ثمّ نُقلت هذه الترجمات إلى اسبانيا و تُرجمت إلى اللاتينية فوصلت للأوربيين. و لا تزال الآلاف من المخطوطات السريانية الآرامية القديمة منتشرة في مختلف متاحف العالم.